خلال السنوات الأولى من الاستقلال بادرت الدولة التونسية الفتية, في مرحلة أولى, بتونسة النقل حيث أنشأت بسوسة شركة تسمى"النقل البلدي بالساحل" و كان ذلك في سنة 1958.
و في سنة 1962 , السنة الأولى التي انطلق فيها التخطيط لضمان تنمية سريعة و منظمة للاقتصاد التونسي , تبين أنه من الضروريات العاجلة, تركيز قطاع نقل ناجع يساهم في دفع الاقتصاد إلى الأمام فتم بعث شركة جهوية للنقل بكل ولاية من ولايات الجمهورية تجمع بين نقل المسافرين و البضائع.
تأسست الشركة الجهوية للنقل بولاية سوسة يوم 5 جانفي 1963 التي أصبحت تسمى شركة النقل بالساحل منذ سنة 1970 و هي شركة خفية الاسم برأس مال قدره 400 ألف دينار موزع على 80 ألف سهم منها 45834 راجعة لمجلس الولاية و البلديات و 34166 للأشخاص الطبيعيين و المعنويين ( تراسTRAS والحبارة و سيتاك SITAC والسعيدية والتعاون...) وهي عبارة عن شركات نقل صغيرة متواجدة بالجهة ساهمت في تكوين الشركة الجديدة بالمعدات التي تمتلكها.
انطلقت الشركة الجهوية للنقل بولاية سوسة سنة 1963 بمعدات ساهمت بها الشركات المذكورة أعلاه وتتمثل في قرابة 100 عربة كانت في حالة سيئة و ذات حمولة بسيطة مما أدى للاستغناء عن أغلبها منذ السنوات الأولى و تعويضها بمعدات جديدة و ذات حمولة أكبر.
اقتناعا منها بأهمية الصيانة للمعدات بادرت الشركة منذ سنة 1965 باقتناء قطعة أرض تمسح أكثر من 50 ألف م² أقامت عليها مستودعا و ورشة إصلاح دامت مدة بنائها قرابة الثلاث سنوات و قد بلغت كلفتها 189 ألف دينار و تم تدشينها من طرف سيادة رئيس الجمهورية السابق الزعيم الحبيب بورقيبة بتاريخ 9 أوت 1968.
و قد ساهمت الشركة منذ السنوات الأولى من تأسيسها في تركيز الاقتصاد التونسي بالمشاركة ماليا في بعث عديد المؤسسات بالجهة نذكر منها :
مساهمات سنة 1965 |
|
الشركة السياحية مرحبا | 5000 د |
شركة شط مريم السياحية | 2000 د |
شركة معرض سوسة | 4000 د |
الشركة الجهوية للتنمية و التمويل بالساحل | 4000 د |
شركة كوب COOP بسوسة | 1000 د |
الشركة الصناعية بالمكنين | 5000 د |
مساهمات سنة 1966 |
|
شركة القنطاوي السياحية بحمام سوسة | 5000 د |
شركة النقل السياحي | 6000 د |
شركة الساحل السياحي | 1000 د |
شركة فيرستون- تونس | 1000 د |
مساهمات سنة 1967 |
|
القرض الوطني لتمويل المخطط الرباعي | 26160 د |
الترفيع في رأس مال شركة القنطاوي | 5000 د |
الترفيع في رأس مال شركة الساحل السياحي | 1000 د |
الشركة التونسية للمشروبات بالوسط | 500 د |
كما ساهمت قبل إنشاء شركة النقل السياحي, في تدعيم السياحة بالجهة بوضع عدد من أحسن حافلاتها و بصفة مستمرة طوال الموسم السياحي تحت تصرف النيابات السياحية لنقل السواح. و قد ذهبت إلى أبعد من ذلك حيث أبرمت سنة 1966 عقدا مع نيابة سياحية عالمية قامت الشركة بمقتضاه بنقل عدد هام من الزائرين إلى مختلف جهات الجمهورية. و قد مكنتها هذه العملية من مداخيل هامة بالعملة الصعبة كانت ترد عليها مباشرة من سويسرا.
في نهاية الستينيات و في نطاق سياسة الدولة الرامية لإصلاح أوضاع النقل بتجميع المعدات, اقتنت الشركة أسطول مجلس ولاية سوسة المتكون من 11 شاحنة و 3 مجرورات (أكتوبر 1968) كما تم إدماج أسطول الشركة الصناعية و التجارية و الفلاحية التونسية ( 12 شاحنة) و كذلك الشأن بالنسبة لـ 5 شاحنات متبقية من أسطول شركة التعاون (أفريل 1969). وقد شمل هذا الإدماج 95 سيارة أجرة من مجموع 148 سيارة متواجدة بالجهة و يستغلها الخواص و ذلك بتاريخ 24 ماي 1969 إلا أنه على إثر التغيير الحاصل آنذاك في السياسة الاقتصادية بالبلاد, تم بتاريخ 9 ديسمبر 1969 إرجاع رخص سيارات الأجرة المندمجة إلى أصحابها و كذلك الشأن بالنسبة لـ 65 سيارة رغب أصحابها في استرجاعها. أما البقية فقد واصلت الشركة استغلالها إلى شهر أوت 1976 تاريخ التفويت فيها لسائقيها.
لقد دأبت شركة النقل بالساحل منذ انبعاثها على مواكبة التطورات التي شهدتها طرق التصرف حيث لم يمض على تأسيسها سوى ست سنوات حتى قررت منذ سنة 1969 اللجوء إلى التكنولوجيات المستعملة آنذاك في عملها الإداري فبادرت بمساعدة شركة IBM بوضع نظام معلوماتي يعتمد البطاقات المثقوبة.
تطور فيما بعد ليصبح نظاما معلوماتيا أكثر حداثة من حيث المعدات المستعملة وطرق معالجة المعلومات.
منذ تأسيسها وإلى سنة 1976، شهد نشاط الشركة تنوعا و نموا مطردا. و قد بذلت مجهودات جبارة في تجديد و تنمية أسطول الشركة و بالتالي مواردها البشرية. كما قامت الشركة بـتطوير أساليب التصرف فيها مما أدى إلى تحقيق النتائج التالية بين سنتي 1964 و 1976 :
تطور عدد الحافلات بنسبة 101 %
تطور عدد المقاعد المعروضة بنسبة 272 %
نقل 260 مليون مسافر
تطور عدد الشاحنات بنسبة 63 %
تطور الحمولة المعروضة بنسبة257 %
نقل 6 ملايين طن من البضائع
تطور عدد الأعوان الذين تشغلهم بنسبة 157 %
بلغ مجموع الأجور المدفوعة 10,9 مليون دينار
بلغ رقم المعاملات لكامل الفترة 28,3 مليون دينار
بلغ مجموع المرابيح 1,4 مليون دينار وزعت كالآتي : 26 % أداء على المرابيح, 28 % على المساهمين و 46 % تم إعادة استثمارها بالمؤسسة
تبعا لتقسيم ولاية سوسة إلى ثلاث ولايات ( سوسة و المنستير و المهدية) اعتمدت الشركة هيكلة تنظيمية جديدة بالاعتماد على لامركزية مصالح نقل المسافرين والصيانة، وذلك ببعث الوحدات التالية :
فرع للشركة بالشابة خلال شهر أكتوبر 1976
فرع للشركة بالوردانين خلال شهر ديسمبر 1976
إدارة جهوية و ورشة إصلاح للحافلات بالمنستير تم تدشينهما بتاريخ 23 جانفي 1977
فرع للشركة بالجم خلال شهر جانفي 1977
إدارة جهوية وورشة إصلاح بالمهدية تم تدشينهما بتاريخ 5 جوان 1977
فرع بالمكنين و آخر بطلبة تم تدشينهما بتاريخ 22 جوان 1977
ثلاث فروع بكل من القلعة الكبرى و مساكن و سيدي بوعلي خلال شهر أوت 1977
ورشة إصلاح للحافلات بجمال تم تدشينها يوم 11 أوت 1977
إدارة جهوية بسوسة في شهر أوت 1977
كل هذه الوحدات أتت لتعزز فروع متواجدة بجهات النفيضة و جمال و قصر هلال وقد أدى ذلك التنظيم الجديد إلى تراجع في القدرات المالية للشركة بسبب تكاليفه الباهضة (انتدابات واستثمار...). و قد أمكن خلال هذه الفترة الممتدة من سنة 1977 إلى 1987 تحقيق النتائج التالية :
اقتناء 295 حافلة منها 123 مستعملة و 172 جديدة و قد التجأت الشركة إلى الحافلات المستعملة من جراء الصعوبات المالية التي كانت تعترضها.
انخفض عدد الحافلات خلال هذه الفترة بنسبة 33 %
تراجع عدد البقاع المعروضة بنسبة 17 %
نقل 320 مليون مسافر منهم 95 مليون مسافر من التلاميذ و الطلبة مع الإشارة إلى أن عدد المسافرين من التلاميذ و الطلبة قد ارتفع بنسبة 316 % في حين تراجع عدد المسافرين العاديين بنسبة 48 %
اقتناء 80 شاحنة كانت غير كافية لتجديد كل الشاحنات التي وقع التخلي عنها فتراجع أسطول نقل البضائع خلال هذه الفترة بنسبة 50 %
نقل 8 ملايين طن من البضائع وقد تدنت كمية السلع المنقولة خلال هذه الفترة بنسبة 48 %
بلغ رقم المعاملات لكامل الفترة 71 مليون دينار
بلغ مجموع منح التعويض 7,6 مليون دينار
أدى التوقف عن انتداب الأعوان الإداريين و الفنيين منذ أفريل 1978 إلى تراجع في عدد أعوان الشركة بنسبة 18 % و قد بلغت تكاليف الأجور خلال تلك المدة 52 مليون دينار أي ما يمثل 73 % من رقم المعاملات
بلغ مجموع خسائر تلك الفترة 17 مليون دينار أما الديون المتخلدة بذمة الشركة فقد تجاوزت 20 مليون دينار عند نهاية سنة 1987
لقد مرت الشركة خلال هذه الفترة بأزمة مالية حادة ناتجة عن عدة عوامل منها :
تطبيق سياسة اجتماعية تفوق طاقة الشركة من حيث عدد العمال و الأجور الموزعة
تحرير بعض أصناف نقل البضائع الذي جعل الشركة تجابه منافسة شديدة
الوضع الاقتصادي العالمي الذي تميز بظاهرة التضخم المالي مما جعل أسعار المعدات وقطع الغيار و الوقود و المطاط ترتفع ارتفاعا كبيرا
عدم مواكبة تعريفات النقل لارتفاع التكاليف المذكورة و ذلك لأسباب اجتماعية
النسب المتواضعة للتعويض عن النقل المدرسي و الجامعي الذي شهد نموا كبيرا خلال تلك الفترة
و قد أدى الوضع المالي للشركة إلى اتخاذ قرار تطهيره في مجلس وزاري بتاريخ 26 مارس 1987